الدنقر

من طرف الدفع السبت يونيو 19, 2010 2:31 am

بسم الله الرحمن الرحيم

الدنقر

هو احدى الالات الايقاعية المصوتة لذاتها كما صنفه كتاب الالات الموسيقية التقليدية فى السودان الذى اعده د.على الضو والاستاذ عبد الله محمد ، وهى الة تعزف عليها النساء فقط ويقال ان اصل كلمة (دنقر) بكسر الدال وسكون النون وكسر القاف يرجع تاريخها إلى عهد السلاطين والملوك في دارفور وكردفان والفونج. ونبدا بغرب السودان وذلك لأن المؤشرات تشير إلى أن دخول هذا اللون الإيقاعي الغنائي الى السودان كان من جهة الغرب، إنطلاقاً من عرب أفريقيا من مملكة البرنو وفولتا العليا وساحل العاج وأفريقيا الوسطى، إذ تمارس نفس الإيقاعات وبنفس المعدات مع اختلاف المناسبة والاوقات التي تمارس فيها.

والدنقر هو الاسم الشائع لهذا اللون من الإيقاع و إن حاولنا حصر الأسماء التي تطلق عليه نجدها كثيرة ومختلفة حسب نوع المناسبة التي تمارس وحسب تعدد القبائل والأقاليم التي تستخدمه.

الدنقر هي الكلمة الشائعة عند أغلب القبائل في غرب السودان لأنه يعني إيقاع الفرح النابع من العظمة والشجاعة والكرم وهو يرتبط إيقاعياً ومعنوياً بضربات النحاس عند السلاطين والملوك معلناً أمجاد قبائلهم في الفرح وعند الملمات الجسام، وبذلك صار في مفهومهم يعني الأصالة والشجاعة والكرم، وهذا ما تؤكده صدى الطرقات الإيقاعية على المعدات الخاصة بهذا اللون وبجانب وجوده كظاهرة اجتماعية تستحق الدراسة فإن الظروف الجغرافية لعبت دوراً في مركزته في مناطق الغرب حيث تتوفر المعدات التي تستخدم في هذا الإيقاع بكثرة، وبمختلف الأحجام والمعدات الإيقاعية هي القرع المر الذي نعرفه بالبخس ويعد في شكل "كاسات" نصف دائرية مختلفة الأحجام، ورغم أن الدنقر هو الاسم الشائع إلا أن تسمياته تختلف من مكان لأخر، فمثلاً عند قبيلة المساليت يسمى التمبلة ويستعمل في الفرح، وعند بعض القبائل تلقى يسمى التباره، وقبيلة الارنقا تسمى نوع من الطبل كبير الحجم بالدنقر ويعزف علية شخصان واحد من جهة والاخر من الجهة الاخرى، وفي شمال السودان يسمى النقارة، ويستخدم عن الاحزان ليصاحب اغنيات المناحة، وفي الجنوب يعد كأحد طقوس السبر عن الكجور وفي بعض المناطق يستعمل كعلاج للصداع وقبائل أخرى تعزفه مصحوباً بالتهليل والتكبير عند خسوف القمر وكسوف الشمس.

ويعتقد أن مصدر الاسم هو الإيقاع الذي تحدثه الكئوس وهي على سطح الماء مكفية فلفظه دنقر ونقارة زتمبلة كلها مربوطة بالصدى الإيقاعي الناتج عن الطرق على الكأس، فمثلاً لفظه دنقر مركبة من مقطعين (دنق ، ار) وعند تدوين هذين المقطعين إيقاعياً(على النوتة الموسيقية) فإن أحد الكاسات يعطي (التك) والأخر يعطي (الدم) باستمرار.

أر دنق أر دنق أر دنق أر دنق أر دنق أر دنق أر دنق ار

وهكذا جاء مصدر الصوت ليحمل في مدلوله ليحمل إيقاع وغناء السلاطين والملوك والفرسان عظماء الرجال في غرب السودان.

والمستمع للإيقاع الدنقر دون أن يراه يسمع مزيجاً من إيقاع النحاس عند إثارة الحماس، ولكنه مكتوم متداخل في بعضه وهو ما يميز الموسيقى الأفريقية (POLY RETHEM) وعندما تستمع وتشاهد عزف الدنقر تمتلئ نفسك حماساً ونشوة وذلك حقاً ما يتركه إيقاعه وغناءه المصاحب بالزغاريد.

أجزاء الدنقر:

يتكون الدنقر من القرع المر في شكل كأسات مختلفة الأحجام وعند العامة في الغرب في حدود ثلاثة أو أربعة قطع حسب الإناء والماء الذي تكفي عليه الكؤوس، وفي الغالب يكون طشت ويلاحظ اختلاف أحجام القرع ليعطي أصواتاً مختلفة من حيث الحدة والغلظة ويعزف عليه بعصاتين صغيرتين قصيرتين تمسكها العازفة وتعزف حسب عددية القرع، ويكون عزف الإيقاع من قبل ثلاثة نساء على ثلاثة كؤوس مع مصاحبة إيقاع الفندك الذي يدق العيش عليه بواسطة ثلاثة نساء أيضاً.

الاختلاف الإيقاعي وارد بين كل قبيلة وأخرى من حيث الغناء والرقص وبذلك ينتج التكوين الإيقاعي الملون إلا أن المضمون واحد إذ يكون الغناء لتمجيد الأبطال والكرماء وذمهم أحياناًً.

الترتيبات التي تسبق العزف (فى الافراح فقط )

أولاً:

يعلن أهل الفرح الشيخة، وهي الحكامة المغنية والعازفة ويرتبط بها كما يتم التعاقد والارتباط بأي فنان لإحياء مناسبة قبل وقت كاف. ويحدد معها الموعد لترحيل المعدات والفرقة إلى مكان الفرح، وهنالك تجد أهل المناسبة قد أعدوا المكان والأرياح والعيش الذي يراد أن يفندك لفطور العرسان إذا كانت المناسبة زواج.

ففي ساحة دار الفرح يفرش برش وتوضع معدات الدنقر فتملأ الطشاطه بالماء وتجرى كل هذه الترتيبات المساعدة والكورس تحت إشراف الشيخة ثم تأتي أم العريس بصينية الأرياح، وبخور الصندل يضمخ الأرجاء وتتعالى الزغاريد.

نلاحظ أن الشيخة بعد اختيارها للكؤوس تقوم بتشريبها بالماء أولاً قبل العزف لتكون أكثر ملائمة للطرق، وعندما تنتهي من الإعداد تجلس مساعدتها وكورسها على الأرض التي أعدت لهذه الجلسة خصيصاً وتبدو الزغاريد تتعالى والمساعدات قد أمسكن بأعمدة الفندك تماماً كالاوركسترا في استعدادها لتقديم عملها، وتبدأ الشيخة بإيقاع رتيب قوي وتتعالى الزغاريد، وتبدأ بالأغنية الأولى وعلى منوال هذه الأغنية تردد عدد أغنيات حتى يتكسر الصندل ويدق المحلب ويفندك العيش، والأغنية من الأغنيات التي نسمعها في كل المناطق التي تستعمل هذا اللون من الفرح:

الحكامة: دوش دوش

الكورس : ضمير الحوش

الحكامة: الليلة نايم

الكورس: مع أم تمايم

الحكامة : الباشا نايم

الكورس : مع أم تمايم

نلاحظ بساطة الميلودية وعذوبتها حينما تؤدي في تبادل بين صوت الحكامة الكورس. وذلك يخلق تمازجاً رائعاً يصحبه الإيقاع الحار الذي هو أشبه بدقات النحاس مع تداخل دقات القرع والمعنى أن دوش ويقصد به العريس لعظمته وآصالته واعتقد أن الدوش من أطيب القطع وأدسمها في الذبيحة وهو أيضاً ضمير الحوش وسره وجوهرة، فقد آن الأوان أن ينعم ويرتاح كالباشا مع أم تمايم ويقصد بها العروس في تمامها والتمايم هي الزينة التي يزين بها شعر العروس من خرز وخلافه، ونلاحظ أن هذه الصورة الواردة في الأغنية هي صورة عريقة للعروس السوداني. ويستمر الغناء على هذا المنوال حتى يتكسر الصندل ويسحن ويفندك العيش، وبعدها تشدو بأغنيات راقصة وأغلبها أغنيات السيرة على إيقاع الدلوكة والفندك وأعمدته الثلاثة يشكل مع بقية الإيقاعات حركة إيقاعية رائعة ومن الأغنيات التي نستمع إليها أغنيات في الحماس وأغنيات في مدح كرماء وعظماء مثل أغنية أبو زينب تقول الكلمات:

الحكامة: قال ما بتكلم

الكورس: أصلو ما بتكلم

الحكامة: بخشمه ما بتكلم

الكورس: إلا مع الباشا بتكلم

الحكامة: أبو زينب البطران جليس السلطان

الكورس: الفارس الأجود مع المأمور بتكلم.

وواضح معناها وهو مدح للذي يكنى بأبي زينب وهو عظيم له كلمته التي لا يطلقها هبائاً إلا في أمور عالية عند مجالسته السلطان والإداريين، ومن بالأغنيات التي ملأت بالساحة دون أن نعلم مصدرها تلك الأغنية الشعبية (وليد دارفور) فهي من أغنيات الدنقر أصلاً وفيها تمجد الحكامة عريساً من دارفور ويقول مطلع الأغنية:

الحكامة: وليد دارفور

الكورس: بمشي معاك الليلة

وتكون في تكرار متبادل.

ونلاحظ أن اللحن هو نفس اللحن الذي طرق آذاننا من المغنين الشعبيين دون أن نعلم مصدر هذه الأغنية فهي قديمة ومرتبطة بهذا اللون من الغناء.

هذه بعض لمحات الدنقر وأغنياته عند الفرح وهي كثيرة ومتعددة الإيقاعات ولكن إيقاع السيرة هو الإيقاع السائد فيه لما في الدنقر من حماس وهنالك بعض القبائل التي ترطن تطلق على الكؤوس المستعملة تسميات خاصة فمثلاً المساليت يسمون الكأس الكبير (كابيلتو) والصغير يسمى (بيتالا) والعود الذي يعزف به يسمى (بوتيس) والماء يسمى (سا) وبجانب الفرح عندهم يستعملونه عند خسوف القمر وكسوف الشمس يصحبه تهليل وتكبير باسم الجلالة.

ونجد أن قبيلة (القمز) في شرق الرصيرص تستخدم الدنقر ويطلقون عليه اسم (الدبك) وهو إيقاع يرقص عليه في شكل حلقة دائرية مشتركة بين النساء والرجال، وتكون هنالك ثلاثة عازفات في وسط الحلقة ويتم عزف الإيقاع بواسطة الأرجل ومشاركة آلة الدبك ويكون هذا عند الحصاد ومراسم الوفاء وبعض الاحتفالات الرسمية، وهنالك غناء مصاحب لهذا الإيقاع في شكل تبادل ثنائي بين الرجال والنساء.

أما في الشمال وفي منطقة حجر العسل والدامر:-

فيمارس عند المأتم ولحظات النواح والعويل على الشخصيات المهمة في القبيلة ويسمى (النقارة ) ويتم بدون دعوه عبارة عن مساهمة فى الحزن مع اهل الميت تصاحبها ما يعف بالمناحة ومن أشهر تلك المناحات:

أب عاجات اللحو وكتين يزم ينتر

إن جاءت الألوف لا بضن ولا بفتر

أبو رسوه أب هرش الضارب الوكره

تمساح دار كلي البمرق مع الهجعة

أب قدحاً سبيل مساء وصباح مجرور

للضيفان مباشر وشه ما مصرور

أما في الجنوب فنجد نفس الإيقاع في مناطق خور شام ريفي راجا وغرب بحر الغزال، وعند البلندا يستعمل عند الكجور واتباعه، وعند الموت أيضاً.

هذا هو الدنقر تحت ضوء خافض كإيقاع يشارك في انفعالات أمتنا في الفرح والحزن أمل أن يقدم هذا اللون بطريقة متأنية فهو جدير بالتحقيق والتدوين ولأنه من موروثات هذه الأمة علينا أن نعيه ونحفظه ونطوره.

مع تيرم تيرم ماتى

دفع الله الحاج على

سبتمبر 2009م

من طرف رجاء موسى الخميس نوفمبر 04, 2010 5:17 pm

شكرا الأخ دفع الله ، أرجو أن تقبل ملاحظتي للنص المصاحب للدنقر الذي مطلعه :
بوش بوش
ضمير الحوش
الباش نايم
مع ام تمايم
الليلة نايم
مع أم تمايم
هذه الرواية الأصلية للنص ويتبادل الكورس مع الحكامة .
المشاركة من الأستاذة أمينة محمد الحسن
محاضر بكلية الموسيقى والدراما .

الدنقر

الدنقر

رد: الدنقر